سورة الحج - تفسير تفسير المنتخب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحج)


        


{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2)}
1- يا أيها الناس: احذروا عقاب ربكم، وتذكروا دائماً يوم القيامة، لأن الاضطراب الذي يحدث فيه شديد مزعج ترتجف منه الخلائق.
2- يوم تشاهدون القيامة ترون هوْلاً يبلغ من شدته أنه لو كانت هناك مرضعة ثديها في فم رضيعها لذهلت عنه وتركته. ولو كانت هناك امرأة ذات حمل أسقط جنينها في غير أوانه فزعاً ورعباً، وتشاهد- أيها الناظر- حال الناس في ذلك اليوم من نظراتهم الذاهلة، وخطواتهم المترنّحة فتظنهم سكارى وما بهم من سكر، ولكن الهول الذي شاهدوه، والخوف من عذاب الله الشديد هو الذي أفقدهم توازنهم.


{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (4) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)}
3- ومع هذا التحذير الشديد الصادق، فإن بعض الناس دفعه العناد- أو التقليد- إلى الجدل في الله وصفاته فأثبت له الشركاء، أو أنكر قدرته على البعث ومجازاة الناس على أعمالهم، غير مستند في جدله وإنكاره إلى علم صحيح أو حجة صادقة، ولكنه يقلد ويتبع خطوات كل شيطان متمرد على ربه بعيد عن هديه.
4- قضى الله أن كل من اتبعه واتخذه ولياً وهادياً أضله عن طريق الحق، ووجَّهه إلى الباطل المفضى به إلى عذاب النار المسعَّرة المتأججة.
5- يا أيها الناس إن كنتم في شك من بَعْثِنا لكم بعْد الموت ففى خلقكم الدليل على قدرتنا على البعث، فقد خلقنا أصلكم من تراب، ثم جعلنا منه نطفة حوَّلْناها بعد مدة إلى قطعة دم متجمدة، ثم جعلناها قطعة من اللحم مُصَوَّرة فيها معالم الإنسان، أو غير مصورة لِنُبيِّن لكم قدرتنا على الإبداع والتدرج في التكوين، والتغيير من حال إلى حال، ونسقِط من الأرحام ما نشاء، ونقر فيها ما نشاء، حتى تكمل مدة الحمل، ثم نُخْرِجكم من بطون أمهاتكم أطفالاً، ثم نرعاكم لتبلغوا تمام العقل والقوة، ومنكم بعد ذلك من يتوفاه الله، ومنكم من يمد له عمره حتى يصير إلى الهرم والخوف فيتوقف علمه وإدراكه للأشياء، ومن بَدَأَ خلقكم بهذه الصورة لا تعجزه إعادتكم. وأمر آخر يدلك على قدرة الله على البعث: أنك ترى الأرض قاحلة يابسة، فإذا أنزلنا عليها الماء دبَّت فيها الحياة وتحركت وزادت وارتفع سطحها بما تخلله من الماء والهواء، وأظهرت من أصناف النباتات ما يروق منظره، ويُبهر حسنه، ويُبْتَهجُ لمرآه.


{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (10) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11)}
6، 7- ذلك الذي تقدم من خلْق الإنسان وإنبْات الزرع شاهد بأن الله هو الإله الحق، وأنه الذي يحيى الموتى عند بعثهم كما بدأهم، وأنه القادر على كل شيء، وأنَّ القيامة آتية لا شك فيها تحقيقاً لوعده، وأن الله يحيى من في القبور ببعثهم للحساب والجزاء.
8- ومع ما تقدم، فبعض الناس يُجادل في الله وقدرته، وينكر البعث على غير أساس علمى أو إلهام صادق، أو كتاب مُنَزَّل من الله يستبصر به. فجداله لمجرد الهوى والعناد.
9- وهو مع ذلك يلوى جانبه تكبّراً وإعراضاً عن قبول الحق. وهذا الصنف من الناس سيصيبه خزى وهوان في الدنيا بنصر كلمة الحق، ويوم القيامة يعذبه الله بالنار المحرقة.
10- ويقال له: ذلك الذي تَلْقاه من خزى وعذاب إنما كان بسبب افترائك وتكبرك، لأن الله عادل لا يظلم، ولا يُسَوِّى بين المؤمن والكافر، والصالح والفاجر، بل يجازى كلاً منهم بعمله.
11- ومن الناس صنف ثالث لم يتمكن الإيمان من قلبه، بل هو مزعزع العقيدة، تتحكم مصالحه في إيمانه، إن أصابه خير فرح به واطمأن، وإن أصابته شدة في نفسه أو ماله أو ولده ارتد إلى الكفر، فخسر في الدنيا راحة الاطمئنان إلى قضاء الله ونصره، كما خسر في الآخرة النعيم الذي وعده الله للمؤمنين الثابتين الصابرين، ذلك الخسران المزدوج هو الخسران الحقيقى الواضح.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6